قمة البيت الأبيض: أوروبا تتوحد، وأوكرانيا ترفض الاستسلام
- Ahmed Fathi
- 20 أغسطس
- 2 دقيقة قراءة


بقلم: أحمد فتحي
نيويورك – شهد البيت الأبيض الكثير من الدبلوماسية رفيعة المستوى، لكن اجتماع يوم الاثنين حول أوكرانيا حمل ثقل قارة بأكملها وقلق أمة تصارع من أجل البقاء. فقد استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برفقة قادة أوروبيين من بينهم إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب، إضافة إلى أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، والأمين العام لحلف الناتو مارك روته.
أوروبا تتحدث بصوت واحد
جاء القادة الأوروبيون مصممين على إظهار التضامن. وصف ستارمر المحادثات بأنها “جيدة وبنّاءة”، بينما ذكّر ماكرون بأن “الضمانات الأمنية تعني أمن القارة الأوروبية بأسرها”. أما ميرتس فذهب أبعد حين شبّه مطالب موسكو الإقليمية بإجبار الولايات المتحدة على التخلي عن ولاية فلوريدا، في إشارة واضحة إلى عبثية هذه الشروط. الرسالة كانت حاسمة: أوكرانيا ليست وحدها، وشروط موسكو لا يمكن أن تشكل أساساً لأي سلام حقيقي.
مطالب بوتين: سلام أم استسلام؟
وراء البيانات الرسمية، خيّم الموقف الروسي على أجواء القمة. فقد تضمنت المقترحات المطروحة الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، والتنازل عن دونيتسك ولوغانسك. هذه ليست عروض سلام، بل إنذارات. ومن وجهة نظري، إنها شروط استسلام متنكرة في ثوب الدبلوماسية.
زеленسكي كان حاسماً: “مسألة الأراضي ستبقى بيني وبين بوتين”. بالنسبة له، ليست هذه مجرد كلمات؛ بل مسألة بقاء. فالتنازل لن ينهي الحرب، بل سيمحو سيادة أوكرانيا.
بين الاحتمالات والمخاطر
لم تسفر القمة عن وقف لإطلاق النار أو اتفاق تاريخي، لكنها رسمت ملامح السيناريوهات المقبلة:
احتمال أن تحصل أوكرانيا على ضمانات شبيهة بالناتو، مدعومة بحزمة أوروبية تموّل نحو 90 مليار دولار من الأسلحة الأميركية، من دون التخلي عن أراضيها.
أو أن يواصل زيلينسكي رفضه، ويثبت الموقف الأوروبي، لتستمر الحرب مع تضاعف معاناة المدنيين.
وهناك سيناريو وقف إطلاق النار كخطوة أولى، لكنه يظل مشكوكاً فيه مع استمرار روسيا في قصف المدن الأوكرانية.
ويبقى في الخلفية خطر التراجع الأميركي. فإذا خفّضت واشنطن دعمها، قد تضطر أوروبا لتحمّل العبء وحدها.
جوهر المسألة
لم تكن هذه قمة انتصارات أو معاهدات، بل قمة عزيمة وإصرار. أوروبا وقفت جنباً إلى جنب مع أوكرانيا، واشنطن أبقت خياراتها مفتوحة، وكييف رفضت الإذلال المقنّع كحل وسط. أما بالنسبة للأوكرانيين العاديين، الذين ما زالوا يستيقظون على صفارات الإنذار، فإن هذه المداولات لن تعني شيئاً ما لم تجلب لهم أمناً بكرامة. إنهم لا يقاتلون لبيع مدنهم مقابل وعود، بل ليعيشوا على أرضهم بكرامة. قمة البيت الأبيض أكدت حقيقة واحدة: السلام ممكن، لكنه لا يبنى إلا على العدالة، لا على الاستسلام.
أحمد فتحي مراسل الأمم المتحدة ومحلل الشؤون العالمية، مؤلف كتاب أميركا أولاً، العالم منقسم: تأثير ترامب 2.0. يكتب عن الدبلوماسية والتعددية والقوة والإدراك والسياسات التي تشكّل مستقبلنا العالمي.
تعليقات