top of page

السياسة الكريهة لبن غفير وسموتريتش: أصداء من أحلك فصول التاريخ

الإذلال والاقتلاع وتدمير المؤسسات ليست نتائج جانبية، بل هي إستراتيجية — والتاريخ يخبرنا إلى أين يقود مثل هذا المسار.


يجلس وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل، إيتمار بن غفير (إلى اليسار في المقدمة) وبتسلئيل سموتريتش (إلى اليمين في المقدمة)، في الكنيست. خطابهم وسياساتهم — من السخرية من القادة الفلسطينيين الأسرى إلى التعهّد بدفن الدولة الفلسطينية — جلبت عليهم عقوبات دولية ومقارنات مع أحلك فصول التاريخ.

يجلس وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل، إيتمار بن غفير (إلى اليسار في المقدمة) وبتسلئيل سموتريتش (إلى اليمين في المقدمة)، في الكنيست. خطابهم وسياساتهم — من السخرية من القادة الفلسطينيين الأسرى إلى التعهّد بدفن الدولة الفلسطينية — جلبت عليهم عقوبات دولية ومقارنات مع أحلك فصول التاريخ.


 أحمد فتحي

بقلم أحمد فتحي

نيويورك لم يكن المشهد الكريه لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وهو يسخر من الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي مجرد زلة لسان أو استعراض تطرف. بل كان الوجه العاري لائتلاف سياسي يتغذى على الإذلال كأداة للسلطة. وبعد أيام، جاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ليزيح أي قناع متبقٍ حين تعهد بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية حتى يُدفن أي أمل بقيام دولة فلسطينية. هذه ليست أفعالاً منفصلة، بل هي ملامح سياسة قائمة على الإذلال والاقتلاع والإنكار. والتاريخ يوضح بجلاء إلى أين يقود مثل هذا المسار.


الإذلال كسياسة

حين يتوجه وزير بارز إلى زنزانة أسير سياسي ليسخر منه أمام العالم، فالأمر يتجاوز الاستعراض الشخصي إلى سياسة ممنهجة: إذلال يُستخدم لفرض الهيمنة ونزع الكرامة وإرسال رسالة إلى شعب بأكمله بأن المقاومة لن تُهزم فقط بل ستُسخر منها.

تعهد سموتريتش بـ"دفن" الدولة الفلسطينية لم يكن مناورة تكتيكية بل إعلان صريح للمحو — لمصادرة الأفق السياسي للشعب الفلسطيني حتى يختفي حقه في السيادة. وعلى الأرض، تتجلى السياسة في تهجير العائلات من رفح وخان يونس، تدمير المستشفيات والمدارس، تسوية المساجد والكنائس بالأرض، وتغلغل الاستيطان في عمق الضفة.


صدى ثلاثينيات القرن الماضي

التاريخ لا يعيد نفسه حرفياً، لكن أصداءه واضحة. في ألمانيا النازية بدأ كل شيء بالإذلال: مقاطعة المحلات، تجريد اليهود من وظائفهم، إحراق الكنس. ثم جاء التهجير، وأعقبه المحو. اليوم، نرى تسلسلاً مألوفاً: إذلال يولّد تهجيراً، والتهجير يهدم المؤسسات، وتدمير المؤسسات يفتح الطريق لمحو الهوية.


العقوبات الغربية والحسابات العربية

فرضت بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج وسلوفينيا وهولندا عقوبات على بن غفير وسموتريتش، شملت حظر السفر وتجميد الأصول. أما في الشرق الأوسط، فتسود مقاربة مختلفة: مصر وقطر، ومعهما الولايات المتحدة، ينخرطون في وساطات هشة لتثبيت وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتفادي انفجار إقليمي. الرياض وأبوظبي توازنان بين مسار التطبيع وحسابات الاستقرار.ليست هذه تواطؤاً، بل حسابات أوسع: مزيج من ضغوط داخلية وإقليمية ودولية يجعل العقوبات أداة مؤجلة.


الأمم المتحدة والشلل المعتاد

في الأمم المتحدة، يتكرر المشهد: الفلسطينيون يطالبون بالمحاسبة، الغربيون يستشهدون بالعقوبات، العرب يتحركون بحذر، ومجلس الأمن مشلول بالفيتوات. مشهد يذكّر بعجز عصبة الأمم في ثلاثينيات القرن الماضي.


الدرس

إسرائيل ليست ألمانيا النازية، والفلسطينيون ليسوا يهود أوروبا، لكن المسار واحد: إذلال، تهجير، تدمير مؤسسات، محو هوية.

الغرب اختار العقوبات الرمزية، والعرب اختاروا الوساطة. لكن التاريخ لا يحاسب على النوايا بل على النتائج.


الخلاصة: عندما تُقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة وتُهجّر العائلات، فالتاريخ لا يهمس بل يصرخ. والسؤال: هل يتعلم العالم قبل أن تُعاد أصداء أحلك الفصول؟


أحمد فتحي – مراسل الأمم المتحدة، محلل في الشؤون العالمية، ومؤلف كتاب أميركا أولاً، العالم منقسم: تأثير ترامب 2.0


تعليقات


bottom of page